نظرات في الثقافة العرفانية 1

   خُلق الإنسان مفطورًا على حب المعرفة. بل لعل هذه السمة هي من خواصّ الإنسان المميّزة له عن سواه من الأنواع، فالإنسان لا يفتأ منذ مولده وحتى مماته يبحث في أسرار الوجود وخفاياه؛ وجوده، مصدر وجوده، غاية وجوده، نظام العللية، الكون من حوله، وغيرها كثير مما يحيط به ويشغل في كل يوم باله وفكره.

         والإنسان في خضم ذلك كله يحتاج إلى منارات تنير درب جهله وتدله على مصدر المعرفة الأعظم الذي تشفي معرفته غليل الباحث وتروي عطش الجاهل، وإلا فإن الإنسان سيمضي في رحلة جهله تلك مقتحمًا أغوار جهل مركب، فيكون مصيره إما العودة منها لا يلوي على شيء إلا بؤسَ تجربة مريرة، أو تأبُّطَ ذلك الجهل وحمله سلاحًا يلوّح به كناطح صخرة ليوهنها.

Download